يسر أسرة الجريجير آل جليدان العدواني أن تتقدم إليكم بأسمى آيات التهاني والتبريكات بمناسبة عيد الفطر المبارك، نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن يعيده علينا وعليكم أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة ونحن وإياكم في خير وعافية، كل عام وأنتم بخير.

نبذة تاريخية

في قلب الجزيرة العربية، وفي عمق تاريخها العريق،ُ تعد أسرة الجريجير من الأسر النجدية المتحضرة العريقة التي يعود نسبها إلى فخذ آل جليدان من ذرية الحارث بن عمرو بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، القبيلة القيسية المضرية العدنانية، والمعروفة بأسم جديلة قيس عيلان.
وقد عُرفت عبر العصور بحكمائها وفرسانها، ومن أشهرهم حكيم العرب عامر بن الظرب العدواني وذو الإصبع العدواني، وفي موسم الحج، حظيت قبيلة عدوان بشرف السيادة، حيث كانت تتولى مهمة إيفاد الحجيج من عرفات إلى منى، إذ لم يكن يتحرك أحد حتى يأذن سيد الحج من عدوان، مما يعكس مكانتهم العالية بين القبائل.
وُلد جليدان في عام ٨٥٣ هجري في منطقة تُعرف باسم حلاه جلدان، الواقعة جنوب شرق أم شرم في بلاد بني عدوان التي تضم العديد من المواقع التاريخية مثل قصر مروان، العبيلاء، العقرب، المجنب الأسفل، المجنب الأعلى، الباردة، صلبة، العبل، الراك، الأخاضر، وادي شرب وسوق عكاظ الشهير، ومن شرق الفريدة، العقيلاء، حجرة نسيم، الرويدف، الحصن، الحوية، الركبة، وأم عيران، في ديار بني عدوان شمال شرق الطائف، حيث تنعم قبيلة عدوان برخاء الأرض وحكمة قادتها.
أشار المؤرخ عبدالله بن بسام إلى أن قبيلة عدوان كانت في مطلع القرن الثالث عشر الهجري تتألف من ثمانية عشر بطنًا. لكن بسبب مواجهتهم الكبرى للجيش العثماني في “معركة بسل” في عام ١٢٣٠ هجري، بقيادة الأمير عثمان بن عبدالرحمن المضايفي العدواني، احد اشهر قادات الدولة السعودية الاولى، إثر هذه المعركة تفرقت بطون عدوان وتناقص عددها بعد مواجهة الدولة العثمانية، ولم يبقَ في مساكنهم شرق الطائف سوى أربعة بطون.
نتيجة لهذه الفتنة، ارتحل من بقي من ذرية جليدان من الطائف الى نجد بمنطقة القصيم. نزل فيها مفيز ابن جليدان في القرعاء غرب مدينة بريدة في عام ١٢٣٠ هجري، حيث أسسا بئرًا عُرف باسم “بئر آل جليدان”. عاشوا فترة في بريدة، التي احتضنت مزرعتهم، قبل أن ينتقلوا ذرية مفيز لاحقًا إلى عنيزة. وقد غير عبدالله أسم شهرته الصريح خلال تلك المرحلة الحرجة، حيث لقبّ نفسه “الجريجير” اللقب الذي توارثته الأجيال من بعده. وهناك أعقب عبدالله ابنًا أسماه منصور، وأعقب منصور ابنًا يُدعى محمد الذي ذاع صيته في نجران بعد مشاركته في حرب اليمن.
تميز عبدالله الجريجير بشجاعته، حيث شارك في وقعة القرعاء إلى جانب أمير عنيزة زامل السليم، حيث تمكن جيش القصيم من تحقيق نصر كبير على جيش ابن رشيد، لكن في معركة المليداء عام ١٣٠٨ هجري، تغيرت الموازين. قاتل الجد عبدالله ببسالة في صفوف جيش عنيزة، حتى استُشهد “رحمه الله” تاركًا وراءه إرثًا من البطولة والشجاعة.
في عام ١٣٥٢ هجري، شارك محمد بن منصور بن عبدالله الجريجير في حرب اليمن تحت قيادة الملك فيصل المتجهة من الحجاز إلى اليمن. وحقق في هذه الحملة نصرًا عسكريًّا وسياسيًّا، تمثل في توقيع معاهدة الطائف في عام ١٣٥٣ هجري، التي سوّيت بموجبها جميع الخلافات الحدودية بين المملكة واليمن. بعد عودته من الغزو منتصرًا، استقر الجد محمد في نجران، حيث أسس بئرًا حمل اسم الجريجير وسوقًا شعبيًا لبيع السلاح. كان السوق محاطًا بسور طيني في البلدة القديمة. لاحقًا، أصيب الجد محمد بمرض شديد، وتوفي أثناء رحلة علاجية في لبنان. نُقل جثمانه إلى عنيزة، حيث دُفن “رحمه الله” تاركًا ذكرى طيبة وإرثًا خالدًا على مر الأجيال.
برز العديد من أفراد أسرة الجريجير آل جليدان العدواني رجالًا كرامًا وشجعانًا، شاركوا في بناء الوطن وخدمته في مختلف الميادين. اليوم، تنتشر الأسرة في أنحاء المملكة العربية السعودية، من عنيزة الى الرياض الى الجبيل الصناعية، حاملين إرث آبائهم وأجدادهم بفخر واعتزاز. هذه الرواية ليست مجرد سرد لتاريخ أسرة، بل هي شهادة على كفاح أجيال تعاقبت، وصنعت من المحن أمجادًا خالده في ذاكرة الأجيال القادمة.
التاريخ العريق لأسرة الجريجير